ميثاق الدرعية هو اتفاق وقع بين أمير الدرعية الإمام محمد بن سعود بن مقرن والشيخ محمد بن عبد الوهاب مجدد الدعوة السلفية في عام 1157 هـ/1744م. حيث سار الأمير محمد بن سعود، إلى الشيخ محمد بن عبد الوهاب، في بيت ابن سويلم. ورحب به قائلا: “أبشر ببلاد خير من بلادك. وأبشر بالعز والمنعة. فقال الشيخ: “وأنا أبشرك بالعز والتمكين. وهذه كلمة لا إله إلا الله، من تمسك بها، وعمل بها، ونصرها ، ملك بها البلاد والعباد. وهي كلمة التوحيد، وأول ما دعت إليه الرسل ، من أولهم إلى أخرهم”.

ولا تذكر المصادر تاريخ لهذه المقابلة المهمة. ولكنها كانت بعد قدوم الشيخ محمد بن عبدالوهاب إلى الدرعية، بفترة قصيرة . ولقد خشي الأمير محمد بن سعود أمرين، إن قام بنصرة دعوة الشيخ أولهما: أن يهجره الشيخ إلى مكان أخر، ويستبدل به غيره. وثانيهما: أن يقف الشيخ في وجه ما يأخذه من مال، من أهل الدرعية.

لذلك، أراد الأمير، أن يكون بينه وبين صاحب الدعوة، عهد وميثاق، فقال له: يا شيخ، إن هذا دين الله ورسوله، الذي لا شك فيه. وأبشر بالنصرة لك، ولما أمرت به، والجهاد لمن خالف التوحيد. ولكن أريد أن أشرط عليك شرطين اثنين: الأول: نحن إذا قمنا بنصرتك، والجهاد في سبيل الله، وفتح الله لنا ولك البلدان، أخاف أن ترحل عنا وتستبدل بنا غيرنا. الثاني: إن لي على الدرعية قانونا (أي ما يدفعه الضعيف إلى القوي، ليحميه ويدافع عنه) أخذه منهم، في وقت الثمار، وأخاف أن تقول، لا تأخذ منهم شيئأ “.

فأجاب الشيخ: “أيها الأمير، أما الأول، فأبسط يدك. الدم بالدم والهدم بالهدم. وأما الثاني، فلعل الله أن يفتح لك الفتوحات، فيعوضك الله من الغنائم ما هو خير منها”.

ثم بسط محمد بن سعود يده، وبايع الشيخ محمد بن عبدالوهاب على نصرة دين الله ورسوله، والجهاد في سبيل الله، وإقامة شرائع الإسلام، والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر. وبهذا يكون تم الاتفاق على ميثاق الدرعية.

يقول المؤرخ حسين بن غنام: “وقد بقي الشيخ، بيده الحل والعقد، والأخذ والإعطاء، والتقديم والتأخير. ولا يركب جيش، ولا يصدر رأي من محمد بن سعود، ولا من ابنه، عبدالعزيز، إلا عن قوله ورأيه. فلما فتح الله الرياض، واتسعت ناحية الإسلام، وأمنت السبل، وانقاد كل صعب، من باد وحاضر، جعل الشيخ الأمر بيد عبد العزيز بن محمد بن سعود، وفوض أمور المسلمين وبيت المال إليه…”.

وصارت الدرعية مركز النشر دعوة الشيخ محمد بن عبدالوهاب الإصلاحية، تقاطر إليها طلاب العلم في الدين، الذين صاروا، فيما بعد، أنصارا للدعوة، وللدولة. وبدأ الشيخ يبعث برسائله إلى أمراء البلاد المجاورة، وزعماء القبائل، يبلغهم ما يدعو إليه، من إحياء للدين، ومحاربة للبدع. ولقد تكاثر مؤيدو الدعوة، وتوافدوا على الدرعية، حتى ضاقت بهم. ولكن الله، فتح لها، من أبواب الخير والرزق، الكثير من الزكاة والغنائم، مما أدى إلى تحسن أوضاع الناس المعيشية.

توفي الشيخ محمد بن عبد الوهاب يوم الإثنين، أخر شوال سنة 1206هـ/ يونيه 1792م. وله من العمر نحو اثين وتسعين عاما. وترك أربعة من الأبناء، كلهم أخذ العلم عنه، وهم حسين وعبدالله وعلي وإبراهيم. وكانت لهم مجالس و محافل للتدريس، في الدرعية. وقد تولى ابنه، الشيخ حسين مكانه، كما كان قاضية في الدرعية. وتوفي في ربيع الثاني عام 1224هـ/ مايو 1809م.