وفاة الإمام عبد الرحمن بن فيصل في عهد ابنه الملك عبد العزيز. وذلك قبل إعلان توحيد المملكة العربية السعودية وقت أن كانت التسمية المعتمدة هي مملكة الحجاز ونجد وملحقاتها.

فحين تمكن ابنه الأمير عبد العزيز من استرداد الرياض بمساندة من بعض المقربين منه من أقاربه وأعوانه ومناصريه في الحدث التاريخي المعروف، واستتب له الأمر أرسل لوالده الإمام عبد الرحمن في الكويت يدعوه للعودة إلى العاصمة الرياض، فاستجاب لابنه وعاد بكافة أفراد الأسرة، ودخل الإمام عبد الرحمن الرياض بعد عشرة سنوات قضاها في البادية والكويت، وفي اليوم التالي أرسل عبد العزيز لوالده رسالة يقول فيها: ” الإمارة لكم، وأنا جندي في خدمتكم ” إلا أن الإمام رأى في ابنه جدارة عالية وهمة قوية لتولي الحكم فتنازل للحكم له، وتدخل العلماء والأعيان لإقناع عبد العزيز بتولي الحكم، فوافق بشرط أن يكون الإشراف العام والتوجيه بيد والده.

وفي اجتماع عام حضره علماء الرياض وفقهائها وأهلها في باحة جامع الإمام تركي بن عبد الله في وسط الرياض عام 1320هـ /1902م أعلن الإمام عبد الرحمن نزوله عن حقوقه في الحكم للملك عبد العزيز، وبايعه، وتبعه كافة الناس، وسلّم ابنه عبد العزيز سيف سعود الكبير الذي كان يحتفظ به كرمزية للسلطة، وبذلك تأسست الدولة السعودية الحديثة.

وقد ساند الإمام عبد الرحمن ابنه في كل حروبه في سبيل توحيد البلاد وبناء دولة حديثة، وأيده في كل مشروعات النهضة والبناء، وكان معنياً بمتابعة الشؤون الدينية في البلاد، وإدارة شؤون العاصمة الرياض في حالة خروج الملك عبد العزيز إلى الحرب،

وفاة الإمام عبد الرحمن بن فيصل

توفي الإمام عبد الرحمن بن فيصل ؛ آخر من حمل لقب “الإمام ” من حكام الدولة السعودية، يوم 13 ذي الحجة 1346هـ الموافق 2 يونيو 1927م  في مدينة الرياض التي ولد فيها، وكان ابنه الملك عبد العزيز وقتها في مكة المكرمة لتفقد خدمات الحج في المشاعر المقدسة والاجتماع مع كبار الشخصيات الإسلامية المؤدية للركن الخامس وكان وقتها يحمل لقب (ملك الحجاز ونجد وملحقاتها) ونزل الخبر على الملك عبد العزيز كالصاعقة وحزن على فقده حزنا عميقاً.

ونشرت جريدة أم القرى خبر الوفاة في عددها رقم (182) بتاريخ يوم الجمعة 26 ذي الحجة سنة 1346هـ، كما نشرت الجريدة ما ورد في خطاب الأمير سعود بن عبد العزيز الذي أرسله إلى والده الملك عبد العزيز من الرياض إلى مكة المكرمة عن كيفية الوفاة، ومما جاء في الخطاب المنشور :

” … وكان قبل يوم عيد الأضحى يستعد للنزول لصلاة العيد في مصلاه، ولكن حدث في صباح العاشر من ذي الحجة (يوم العيد) أن أصابه مثل الصفراء فأقام ثلاثة أيام على هذا، وفي اليوم الثالث عشر من ذي الحجة المصادف يوم الجمعة الساعة الثامنة قدم الإمام إلى رحمة الله …”

وتلقى الملك عبد العزيز سيلاً من برقيات العزاء في والده من كبار الشخصيات المحلية والدولية من زعماء الأمة العربية والإسلامية، وأوردت أم القرى أن من قدم خطابات التعزية من الساسة : ملك العراق فيصل بن الحسين، وأمير البحرين عيسى بن علي آل خليفة، ومن السيد شكري القوّتلي، ورابطة المنتدى العربي في الهند، وشيخ الأزهر، ورئيس الوزارة الإيطالية، وقنصل هولندا في جدة، وممثل الجمهورية التركية في جدة، وقنصل مملكة إيران، وحاكم إرتيريا، وأمير الكويت أحمد الجابر الصباح، وأمير قطر عبد الله بن قاسم آل ثاني، ومشايخ القبائل في بلاد الشام وغيرهم، وهذا ما يعكس المكانة السياسية للإمام عبد الرحمن، وابنه الملك عبد العزيز، والدولة السعودية الحديثة.