الإمام فيصل بن تركي وصله خبر اغتيال الإمام تركي، وهو في القطيف، جمع كبار القادة في جيشه. وأطلعهم على ما وقع، فبايعوه بالإمامة. واستقر رأيهم على العودة إلى الرياض، لاسترداد الحكم من مغتصبه.

وفي 19 محرم 1250هـ/1834م، أي بعد 18 يوماً، من حادثة الاغتيال، وصل فيصل بن تركي بقواته إلى الرياض، وتمكن من دخولها. وضبط رجاله أبراجها. وباغت خصمه مشاري بن عبدالرحمن، الذي تحصن في قصر الحكم، ومعه مائة وأربعون رجلاً. وقدم أهالي الرياض المساعدة لفيصل، لما كان لأبيه من مكانة في نفوسهم. وبعد عشرين يوماً (9 صفر 1250هـ/ 18 يونيه 1834م) من الحصار، دب اليأس في نفوس المحاصرين فنزلوا من القصر، وبقي مشاري بن عبدالرحمن. ثم دارت بينهم وبين مشاري وأتباعه معركة، انتهت بمقتل مشاري وستة من رجاله. وكان ذلك بعد أربعين يوماً فقط، من اغتيال الإمام تركي بن عبدالله.

واستعاد الإمام فيصل بن تركي السيطرة على الأمور في العاصمة، وتتابعت الوفود عليه، مبايعة ومؤيدة لحكمه.

بعدها بمدة أرسل محمد علي باشا قد قوة بقيادة خورشيد باشا مع الأمير خالد بن سعود. وهو أخو الإمام عبد الله بن سعود الكبير. وقد كان حُمل خالد بن سعود- بعد استيلاء إبراهيم باشا على الدرعية عام 1233هـ / 1818م مع أخيه عبد الله مع الأسرى الذين أخذهم إبراهيم باشا. وعاش خالد بن سعود في مصر أكثر من ثمانية عشر عاماً. ثم أرسله محمّد علي باشا سنة 1252هـ مع قوة عسكرية للقضاء على حكم الإمام فيصل بن تركي في محاولة جادة للقضاء على حكم آل سعود ونشاطهم السياسي. وقد تمكنت تلك الحملة من مهمتها، فاستولت على البلاد النجدية عدا الأجزاء الجنوبية من الإقليم.

ومنح خالد وسام القائمقامية وعُين حاكما اسمياً محدود السلطة في ظل السيادة المصرية في شعبان 1253هـ / 1837م، ممثلة في سيادة محمّد علي. وظلت السلطة الفعلية في نجد بيد حكمدار الدرعية قائد القوات المصرية في تلك الديار.

لم يستمر حكم خالد بن سعود في البلاد النجدية؛ حيث واجهته حركة مقاومة سعودية وطنية قادها الأمير السعودي عبد الله بن ثنيان بن إبراهيم بن ثنيان بن سعود بن محمد بن مقرن، بهدف إسقاط السلطة المفروضة عليهم، وتكوين الدولة السعودية الجديدة.

ابتعد خالد بن سعود عن نجد بعد أن رجحت كفة عبد الله بن ثنيان، وتأييد الأهالي له في نجد، فذهب إلى الاحساء في شوال 1257هـ / 1841م، حيث أخفق في تجميع قوة تقف معه في وجه ابن ثنيان، فذهب إلى الحجاز وأقام في مكة المكرمة.

ولما علم عبدالله بن ثنيان بهروب خالد بن سعود من الأحساء، بعث، في محرم 1258هـ/فبراير 1842م، طليعة من أتباعه، بقيادة عبدالله بن بتال المطيري، استولت على قصر الحكم هناك. وبعث عمر بن عفيصان أميراً على الأحساء، ووفد زعماؤها ليبايعوا ابن ثنيان، في الرياض. وعين أحمد ابن محمد السديري أميراً على القطيف. وبذلك، شمل نفوذه المنطقة الشرقية ونجداً، باستثناء القصيم وجبل شمر.

ولكن عهد عبدالله بن ثنيان، كان قصيراً. فقد تمكن الإمام فيصل بن تركي أن يغادر مصر، في بداية عام 1259هـ/فبراير 1843م، ووصل إلى جبل شمر، ومعه ابنه، عبدالله بن فيصل، وأخوه، جلوي بن تركي وابن أخيه، عبدالله بن إبراهيم بن عبدالله. وبدأت الفترة الثانية من حكم الإمام فيصل بن تركي.